Ardeki

التابع

 الأصل والتابع


نبذة عن المؤلف :

الكاتب فرناندو سورنتينو، من أهم الكتاب الأرجنتينيين، ولد في بيونس آيرس، في 8 نوفمبر عام 1942م، تُرجمت أعماله إلى لغات عالمية متعددة منها : الإنجليزية والبرتغالية والفرنسية والإيطالية والإنجليزية والألمانية والصينية والفيتنامية، تتميز مؤلفاته بمزيج متناسق من الفكاهة والسخرية السوداء، وكتب العديد من المؤلفات للشباب والأطفال.


الأصل والتابع هي قصة من روائع الأدب الأسباني، تتميز أحداثها بمزيج من الحزن والفكاهة والخيال، حيث يتعرض بطل الرواية للإصابة بمرض ما، فينصحه أصدقاؤه بمراجعة طبيب، فلا يهتم برأيهم حتى تطورت حالته، وسوف بأخذك الكاتب من حالة لحاله أخرى، بطريقة سلسلة كما سيرد في الرواية.



بداية  القصة :

في الخامس والعشرين من شهر يوليو، عندما كنت أحاول الكتابة، لاحظت وجود بثرة صغيرة على خنصر يدي اليسرى، وفي السابع والعشرين من نفس الشهر بدا لي بشكل واضح أن البثرة أصبحت أكبر بكثير.


وفي الثالث من أغسطس توصلت إلي تبين جنسها بواسطة العدسة المكبرة، كان لها شكل فيل صغير جدًا، الفيل الأصغر في العالم، أجل، ولكنه فيل كامل في أصغر تفاصيله، كان لاصقاً في إصبعي بواسطة ذيله الصغير، وهكذا كان سجين خنصري، ولكنه مع هذا كان يتمتع بحرية الحركة، سوى أن تحركاته ظلت تخضع كلياً لإرادتي.


نصيحة الأصدقاء :

بفخر مشبوب بالخشية والشكوك الكثيرة، صرت أعرضه على أصدقائي الذين كانوا يبدون اشمئزازهم منه، قالوا لي إن وجود الفيل على خنصري لا يمكن إطلاقاً أن يكون جيداً للصحة، ونصحوني بأن أذهب إلى استشارة طبيب مختص في الأمراض الجلدية، لم اهتم أبداً بأقوالهم ولم أذهب لرؤية أيً كان، فصمت علاقتي بهم وكرست كل طاقتي، لدراسة التطور الطارئ على الفيل وحسب.


حالة الألفة مع الفيل :

ومع اقتراب نهاية أغسطس، كان فعلا فيلاً جميلاً، له طول خنصري، وإن صار أكبر حجماً مما كان عليه بكثير، كنت ألعب وأتسلى معه كامل النهار، وكان يروق لي كثيراً في بعض الأحيان المزاح معه ودغدغته وتعليمه القفز، وكيفية الوثب على حواجز صغيرة، علبة ثقاب مثلاً، أو مبراة أو ممحاة.


سمية الفيل :

في تلك الفترة بدا لي أنه صار من الملائم أن أمنحه اسما، خطر على بالي العديد من الأسماء الغبية، هي في الظاهر جديرة بفيل عادة : جامبو، يومبو.

وفي نهاية المطاف ومع زهدي في الاختيارات، فضلت أن أطلق عليه اسم، فيل، هكذا.


الاهتمام بالفيل :

كنت مبتهجاً بتغذية، فيل، أضع على الطاولة فتات الخبز وأوراق الخس، ونتفاً صغيرة من العشب، هناك على مسافة قصيرة من الحافة، أضع قطع صغيرة من الشيكولاته، فيجاهد حينها، فيل، لكي يبلغها إنما إن بقيت يدي ثابتة، فإنه لا يمكن له أبداً الوصول إلى هناك، لذا أؤكد أن، فيلا، لا يعدو أكثر من جزءًا ضعيفاً في شخصيتي.


تطور فيل :

وبعد وقت قصير لنقل عندما صار فيل بحجم الفأر، لم يعد من السهل السيطرة عليه، كان خنصري رقيق بشكل يجعله عاجزاً عن مقاومة وثباته المندفعة، كنت حينها لا أزال محافظاً على اعتقادي الخاطئ بأن الأشياء تحدث فقط بسبب نمو، فيل، لكنني اضطررت إلى تغيير رأيي عندما أضحى فيل ذات يوم أضخم من خروف، يومها كان فعلاً أضخم من خروف.


في تلك الليلة، وفي بعض الليالي الأخرى، كنت أنام ممددا على بطني ويدي اليسرى متدلية إلى جانب السرير على الأرض، غير بعيد عني، كان فيلاً ينام، فيما بعد صار علي أن أنام متمددًا على بطني ورأسي على ردفه، وساقأي على ظهره، ثم صار جزء فقط من فخذه كافياً كي أتمدد عليه، وبعدها صرت أنام على ذيله ثم على الطرف الصغير لذاك الذيل، حيث أبدو مثل ثؤلول صغير لا يمكن إدراك تفاصيله.


الرعب من فيل :

صرت أخشى من الاضمحلال، ملئني الرعب من أن أصير غريباً عني، فأغدو مجرد مليمتر من ذيل فيل، بعد ذلك خمد خوفي وعادت إليّ شهيتي، تعلمت كيف أتغذى على فتات الخبز وحبوب الذرة البيضاء، وقش العلف والحشرات التي تكون مجهريه.


الأصل والتابع :

كان هذا بطبيعة الحال في السابق، أنا الآن أحتل من جديد مكاناً لائقاً على ذيل فيل، صحيح أنني مازلت لا أحس بالاطمئنان، لكنني أستطيع أن أستحوذ على قطع من البسكويت كاملة والتمعن، وأنا غير مرئي ومنيع في زوار حديقة الحيوانات.


أنا متفاءل جداً أنني بلغت هذه المرحلة من التطور، أعلم أن فيل شرع في الانكماش والتقلص، وهذا هو السبب الذي جعلني أمتلئ بشعور مبكر بالتفوق، ألهمني إياه المتجولون الذين كانوا يرمون لنا الحلوى بلا مبالاة، وهم لا يرون غير فيل، الماثل أمامهم ملء وضوحه، والذي لم يرتابوا لحظة في أنه لا يعدو أن يكون السمة المستقبلية لذات جوهرية كامنة، مازالت بالمرصاد، رغم تخفيها عن الأعين.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

Ai_ads