Ardeki

موت موظف

 موت موظف


من وروائع الكاتب الروسي أنطون بافلو تشيكوف، حيث ترك الكاتب إرثًا أدبيًا كبيرًا من القصص القصيرة والأدب المسرحي، والذي مازال مصدر إلهام للمخرجين في شتى بقاع الأرض، فقد كان تشيكوف عاشقًا للمسرح منذ صغره وحضر أول عرض مسرحي وهو في الثالثة عشرة من عمره وكان ينفق كل نقوده لحضور المسرحيات، وقصة موت موظف من القصص التي تعرض عبقرية تشيكوف، فقد عبر بطريقة بسيطة عما يصنعه الخوف بالإنسان.


 القصة :

في ليلة من الليالي الصافية، جلس الموظف المجتهد إيفان ديمترتش تشرفياكوف، على أحد مقاعد الصف الثاني في مسرح الأوبرا، وهو يستمتع بمشاهدة أوبرا أجراس كورنفيل وفي إحدى يديه نظارة مقربة.


كان إيفان في ذلك الوقت يشعر أنه أسعد إنسان في الوجود، وعلى حين غفلة تجهم وجهه ودارت عيناه إلى أعلى وتوقفت أنفاسه، وأبعد وجهه عن نظارته وقفز من مقعده وأصدر ذلك الصوت (تشوم) أي أنه عطس.


فكان من الطبيعي أن يعطس أي إنسان في أي مكان، حتى أعضاء البلاط الملكي يعطسون، ولذلك لم يجد إيفان أي غضاضة فيما فعل، وضع منديله على أنفه وهو ينظر حوله ليرى إذا كان قد أزعج أحدًا.


وحين نظر أمامه شعر بالحرج فقد وجد أمامه رجلًا عجوزًا قصير القامة، يجلس في الصف الأول، يمسح قفاه وجمجمته الصلعاء بقفازه ويزمجر ببضع كلمات، عرف إيفان ذلك الرجل إنه وزير المواصلات، قال في نفسه إنه ليس وزيري ولكني يجب أن أعتذر له.


ومال إيفان إلى الأمام وهمس في أذن الرجل : أرجو عفوك يا صاحب السعادة فلقد عطست ولم أقصد، فقاطعه قائلًا : لا تذكر شيئًا، ولكن إيفان حاول الاعتذار مجددًا إلا أن الوزير طلب منه أن يسكت فورًا حتى يستطيع الانصات إلى الأوبرا.


وفي هذه اللحظة لم يعد إيفان يشعر أنه أسعد إنسان في الوجود، ولم يعد يسمع شيئًا من الأوبرا بل ظل يشعر بالخجل، وانتظر حتى الاستراحة وحاول التغلب على خجله وتوجه إلى مكان الوزير وقال له : سامحني يا صاحب السعادة لقد عطست عليك.


فنظر إليه الوزير بتبرم شديد وقال له أه لقد نسيت ذلك الأمر ألن تنصرف، فتوجه إيفان إلى منزله وهو يشعر بالقلق والريبة، ويتسأل هل نسي الأمر، وحين وصل إلى منزله أخبر زوجته بما حدث ولكنها استقبلت الموضوع ببساطة، وقالت طالما أنه ليس رئيسك فلا مشكلة، ولكنك يجب أن تعتذر له لأنك إنسان مهذب.


وفي اليوم ارتدى إيفان حلتة الرسمية الجديدة، وحلق شعره وتوجه إلى مكتب الوزير، وكانت غرفة الاستقبال في مكتب الوزير ممتلئة بالشكاوى، وكان الوزير بنفسه يتلقى الشكاوى، فتوجه إليه إيفان وبدأ يقول يا صاحب السعادة في الليلة الماضية بالأوبرا لقد ععطست وأرجو.


فرد الوزير بعصبية: ياللحماقة ! ونظر للشخص التالي، انتظر ايفان حتى ينتهي الوزير وهو يتجه إلى حجرته، وحاول إيفان الاعتذار لكن الوزير نظر إليه بغضب وقال له : أتحاول الاستهزاء بي، فعاد إيفان إلى المنزل وهو يستحوذ عليه الشيطان، وقرر الذهاب في اليوم التالي إلى الوزير ليوضح له أنه لم يكن يستهزئ به.


حين ذهب إلى الوزير في اليوم التالي، وهو يحاول أن يوضح له أنه لا يمكن أن يكون يستهزئ به، صرخ عليه الوزير وهو يهتز من الغضب أخرج، شعر إيفان بأن شيء ما انشق بداخله، وعاد إلى بيته وهو لا يرى شيئًا من حوله، ثم استلقى على الأريكة ومات.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

Ai_ads